الثلاثاء، مارس 06، 2007

قلنسوة التاسع من ديسمبر

السلام عليكم

فعلا .. النسبية أصبحت شيئا أساسيا في حياته
لم يكن أبدا يعتقد ان الحياة ستصبح بهذا المنوال
و السلك النسبيّ الذي يتضارب في أجزاء أرصفته أصبح يؤول به نحو لا شيء

الصقيع يغلف أطراف أصابعه بالأزرق .. و بعض الحشرات الليلة تلتف حول شاله الدافيء فلا مهم أبدا أين يذهبن
نجوم تتألق بشيء من الغرابة .. و الريح يتمايل راقصا بين أعمدة الأنوار .. السحب تعوي و هي تتصارع كي تمنع ضوء القمر البارد من الوصول الى أرضية المدينة الغامقة اللون .. و بعض الأشياء تحوم حول بناية تنعكس على نوافذها أنوار السيارات فترمي بضوء غير مرغوب به أبدا على أعين بعض الحيوانات الضالة

فيزداد العواء ...لتنافس صوت الرعد الحميم مع صوت تنهيداته و هو يحاول ان يستنشق بعض الهواء البارد من بين فتحات قلنسوة قطنية في شيء من الصعوبه و عينيه تبكي شاكية من الذرات الباردة التي تغتصب ما بين جفناه في نشوة و رغبة في إنجاب طفل دمعي أعمى مع صوت تأوهات أسنانه و هي تتصادم في حرب معلنه مع بعضهن البعض

فيزداد العواء ...من ذلك الجزء الصغير بين البنايتين الكبيرتين .. بعض القطط المفزوعة تهرب من صوت ضربات أسواط السحب على الأرصفه .. و تهرب أيضا من عواء مجهول الهوية يصدر من حائط لا ظاهر له و لا باطن .. بعض الأشياء تترهل في أساسيات الفروق بين البلاط السيء الصنع ... و الريح تحاول ان تنزع ما تبقى من هذا البلاط عنوة لتعري أجساد بعض الجنيات الصغيرة التي تختبيء في بيوت تحت تلك الأراضي البالية .. و الحائط يعوي في استمالة و كأنه يأس من هذه المنطقة .. و كأنه يشكو من أسواط البرد الحامية .. فيزداد من قربه العواء

يخفت المطر ... و تنقشع السحب تاركة لضوء القمر ثغرة فيهرب من وسطهن سعيدا فرحا يغتالا نحو الأرض السوداء كفارس همجي يحاول ان يخترق صفوف الامطار في قسوة فينال من كل قطرة ضربه فينزع من جسده جزءا ليصل الى الحائط الذي يعوي ضعيفا متآكلا ليضيء وجه الذي يعوي مستسلما

طفل رضيع, يلتف حول جسده غطاء من الصوف .. يبكي فيمتزج صوته بصوت الريح القاسي فيضربان فتحات الحائط فيعوي الحائط في صداع قاسي ... يقترب ذو القلنسوة القطنية من الطفل الرضيع ينظر له في نوع من الإستعجاب ..لا يزال الصقيع يغلف أصابعه بالأزرق .. فترتعشان كفاه داخل البالطو الوثير الذي يلبسه .. و تنعقد حاجباه

يضرب الرضيع الغطاء الذي يلتف حوله في نوع من اليأس .. الحائط فوقه يحميه تقريبا من الامطار و لكن هاربات الريح تهرب الى داخل الغطاء .. فأنفتح جزء من الغطاء ليمرر الهواء بين أرجل الرضيع في خباثة

حول الرضيع تلتف ملائكة بيضاء اللون .. تحاول ان تمنع قسوة الدنيا على قلبه .. فترفرف بأجنحتها لتبث الهواء الدافيء بين الغطاء و جسده الرقيق و تبكي الملائكة في لوعة و حول اعينها هالات من الحزن المفزوع و يديها ترتعشان خيفة و ترتفعان للمعز طالين للطفل الرضيع الرحمة من قسوة الحياة

لكن الرجل ذو القلنسوة لم يرى الملائكة .. و لم يحس بالهواء الدافيء...أخرج يده من معطفه الطويل و مال نحو الرضيع في بطء شديد .. و مسك جسد الرضيع في حنان بالغ .. نظر الى وجهه و الزرقة تغزو ارنبة انفه الصغير

بدأ صاحب القلنسوة في همهمة خافته أوصلها في همس الى اذني الرضيع فهدأ عن البكاء و هدأ معه الحائط عن العواء!خلع من حول رقبته قلنسوته و احاط بها جسد الرضيع في حذر بالغ و تأكد من التفافها حول جسده الصغير في شدة .. ثم إقترب الى الحائط خطوتان ..ابتسم مصفرا عضلات وجهه .. ووضع الرضيع على الارض القاسية .. ثم احكم الغطاء و القلنسوة على جسده في رقة و حزم

كلها امور نسبية .. ما الذي أتى بك الى الحياة ؟ " قالها و أدار ظهره للرضيع ثم خطى مبتعدا


للجميع باقة من ورد الاوركيد النقي



ليست هناك تعليقات: